Four Divs
المقالات

المارد بن بريك !!

 

سعيد النخعي

بن بريك المارد الذي خرج من الغمغم
حكوماتٌ متعاقبةٌ بأسماءٍ وألقابٍ رنّانة، وخلفياتٍ سياسيةٍ لأحزابٍ وقوى عتيقة، لا تُحسن سوى اقتسام المصالح، وإهدار الكرامة، وبيع المصالح الوطنية جملةً وتجزئة.
سالم صالح بن بريك – Salim Saleh BinBuriek ، المارد الذي خرج من غمغم كفاءة التكنوقراط، معفَّرًا بتراب أرض الجوعى والمقهورين، ولم تَقذف به أرحامُ قوى العهر، ولا أحزاب الفجور التي صادرت كرامة المواطن، وسلبته لقمته.
خرج سالم بن بريك مزمجرًا بصوت الرعد، وسرعة البرق، ونفع الغيث الساقط على الأرض اليباب، بيدٍ نظيفة، وقراراتٍ تاريخية مسح بها شبح الجوع عن أفواه الجوعى، الذين كانوا ينتظرون الرحيل، ولا يملكون ثمن القبور.
خرج المارد من الغمغم بسوطه اللاهب، فاستيقظ شعبٌ بأكمله على وقع أصوات السياط، ودويِّ سقوط أوكار الفساد.
خرج بن بريك هذه المرة بنموذجٍ مختلف، وتجربةٍ خارقةٍ للعادة، لم نألفها من قبل؛ فلا شعارات كاذبة، ولا وعود عرقوبية، ولا دعاية سياسية مغرضة، ولا شيء من ذلك كلّه. إنها لغة الأرقام، لغةٌ جديدةٌ مختلفة، فلغة الأرقام وحدها هي اللغة الصادقة التي لا تكذب، ولا تؤمن السياسة الوظيفية في العالم المتحضّر بلغةٍ غيرها. فالدول لا تُدار بصخب الشعارات التي خدشت حياء المكان، وهتكت وقار السكينة، لأكثر من عشر سنوات، فشل أربابها حتى في بيع الوهم وخداع البسطاء، ناهيك عن إسكات أمعاء الجوعى.
سنَّ بن بريك نموذجًا صعبًا، وعقدًا جديدًا له، ولمن سيأتي بعده: أن اللقمة هي آخر عقد يربط الدولة بالمواطن، وما عداها تفاصيل غير مهمة.
وإن الإدارة الناجحة تتكلم بلغة الأرقام، والمصالح المتحققة، والوعود المنجزة، والآثار الملموسة، وما عداها ضحكٌ على الذقون.
حشر سالم بن بريك تجار النضال، وأرباب الدكاكين السياسية التي باعت كلَّ شيء في هذا الوطن، ومعهم تجار الشعارات الدينية من أرباب الفتاوى المموَّلة، الذين أرسلوا نصف شباب اليمن إلى إلى العالم الآخر بحثًا عن نعيم السماء، وبقي أرباب الفتاوى ينعمون هم وأولادهم بنعيم الأرض.
حشر بن بريك تجار الدنيا والآخرة جميعًا في زاوية الشماتة والتندر؛ لذا سيطيل هذا الشعب تندره، وسخريته من نفسه، وممّن باعه الوهم لأكثر من عقدٍ من الزمن، دون أن يستيقظ من غفلته.
سيتندر الناس، ويضحكون من ركبهم لا من أفواههم، كلما تذكّروا حفلات الجوغات الموسيقية، ومهرجانات الصخب التي كان يقيمها تجار الشعارات، مع قرارات غرفة سالم بن بريك المغلقة التي سارت بها الركبان، وذرفت من خشوعها المقل.
ستلعن الطوابير التي كانت تتزاحم في مهرجانات المجاعة، وهي لا تملك ثمن المبيت في القبر، كلَّ الذين مرّوا من هنا قبل بن بريك، ويُشبِعوهم لعنًا. سيلعنون قادتهم، وأحزابهم، وشعاراتهم، وقضاياهم التافهة التي لا تشبه سوى تفاهة عقول قادتها بكل ألوانهم، وأطيافهم، وتصنيفاتهم السياسية، والأيديولوجية، والمناطقية، والمذهبية، ومعها ولاءاتهم الإقليمية، حاشا الخزانة الأمريكية، وصحوة ضمير البنك الدولي المتأخرة.
ظهر سالم بن بريك في الوقت بدل الضائع، ليحسمها بالقاضية، فأعاد للناس الثقة بالحياة قبل الدولة.
شكرًا سالم بن بريك المسؤول، والكفاءة، وقبلها سالم الإنسان؛ تمسَّك بإنسانيتك، فهي رافعتك، وعزّز التحامك بالناس، فهم الصخرة المنيعة التي تتكسر عليها دائمًا سيوف البغي.
العظماء وحدهم هم من يصنعون التحوّلات العظيمة، لكنهم يدفعون أثمانها من أعمارهم، ومن أوقاتهم، ومن صحتهم، وفي أحيان كثيرة يكون ثمنها أرواحهم. لكنهم حين يرحلون، يرحلون كبارًا، ويكتبون لأنفسهم الخلود، فيخلدهم التاريخ، ويحفر أسمائهم بخطٍّ غائر على جبهته، فلا تمحوه عوادي الدهر، ولا تتطاول عليه السنون بالنسيان، أو البخس، أو البهتان .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى