بقلم : الرئيس علي ناصر محمد
بَنَتْ دولة الاحتلال عقيدتها العسكرية العدوانية على شن اعتداءت وحروب خاطفة تمكنها من جني نصر قبل أن تستفيق الدول العربية وجيوشها. غزة بفضل صمود مقاومتها فرضت على المعتدي الصهيوني أن يخرج عن مساراته العدوانية الكلاسيكية ويحارب لوقت أطول، مما أنهكه عسكرياً واقتصادياً وكسر هيبة الجيش الذي كان يقول عنه البعض أنه لا يقهر كطرف معتدٍ دمر أكثر 70% من منازل سكان قطاع غزة ومعظم بنيته التحتية وشرد أغلب سكانه داخل القطاع تمهيداً لطردهم وتهجيرهم منه وتحقيق الاستراتيجية الصهيونية لإخلاء فلسطين من شعبها، صاحب الأرض الوحيد لبناء كيان غاصب يمتد من النيل إلى الفرات، وقد فشلت الحروب الصليبية واليهودية في تحقيق هذا الحلم وجرى تحرير القدس والمسجد الأقصى في عهد صلاح الدين الأيوبي.
صمود غزة للشهر السابع لم يكن يخطر على بال العدو ولا الصديق وليس من قبيل المبالغة أن إسرائيل وحلفاءها الغربيين الثلاثة، أمريكا وبريطانيا والمانيا، هزموا أو في طريقهم إلى الهزيمة مثلها، وأن رهانهم على هزيمة المقاومة في غضون أسابيع على أقصى تقدير لم ولن يفلح .إسرائيل تناست عمداً أن غزة تخوض حرب بقاء ووجود وأن الهزيمة تعني تصفية القضية الفلسطينية وأنه ما لهذا الغرض تأسست المقاومة وقدمت التضحيات تلو التضحيات على مدى 75 عاما وبالأخص بعد عدوان عام 1967 ، سواء منها فتح أو الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أو حماس وبقية التنظيمات. إن من مؤشرات هزيمة إسرائيل مراوغتها في المفاوضات التي تتوسط فيها مصر وقطر وتشارك فيها أحياناً حليفتها الولايات المتحدة وإعلانها في 10 أبريل الجاري بأنها قد لا تحقق نصرها الدموي إلا في عام 2026 أو عام 2027.
ليس هناك أدنى شك أن إسرائيل بقيادة مجرم الحرب نتنياهو وعصابته في المستويين السياسي والعسكري تخوض حرب التدمير والاغتيالات الانتقامية ليس دفاعاً عن النفس كما تزعم ومعها حلفاءها في أمريكا وأوروبا. لقد اغتالت العديد من قيادات المقاومة في كل من تونس ولبنان وبيروت وسورية ولم تسلم من ذلك حتى القنصلية الايرانية في دمشق، وها هي تهدد بتدمير لبنان رداً على التضامن المقاوم لحزب الله مع المقاومة الفلسطينية في الضفة المحتلة. في 10 أبريل الجاري اغتالت دولة العدوان ثلاثة من أنجال إسماعيل هنية وأربعة من أحفاده كتعبير لا لبس فيه بأنها لا تحترم قواعد الحرب وقوانينها وأخلاقها وأن المدني هدفاً عسكرياً في غزة و الضفة الغربية المحتلة والقدس المحتلة ولبنان وسورية ونحن إذ ندين هذا العمل الارهابي وكل الجرائم التي ارتكبتها اسرائيل. كل هذا يؤكد أن دولة العدوان دولة مارقة وأنها تهدم ما تبقى من الجدار المتهاك للشرعية الدولية وهو ما يهيئ الفرصة لطردها من الأمم المتحدة ومنظماتها وإصدار قرار ملزم وتحت الفصل السابع من مجلس الأمن بتطبيق قرار التقسيم رقم 181 الصادر عام 1947, الذي طِبْقَ جزء منه تَمثّلَ بخلقْ دولة العدوان بالقوة المسلحة والإرهاب وبتواطؤ دول غربية مع العصابات الارهابية الصهيونية المسلحة والتجاهل الطويل لنصفه الآخر وهو خلق دولة فلسطينية على 47% من أرض فلسطين العربية التاريخية.
إن على دولة العدوان أن تعي أنه في تاريخ النضال ضد الاحتلال والاستيطان والاستعمار كان النصر حليف المقاومة كحركة تحرر وطني وليس المحتل وحلفائه مهما امتلك من عدة وعتاد.
في الختام نأمل أن يعم السلام في فلسطين واليمن والسودان وليبيا وسورية ودول العالم قاطبة.
المجد والخلود للشهداء
الشفاء العاجل للجرحى