باسم فضل الشعبي
انشاء المجالس السياسية في الشرق، وفي المهرة وسقطرى، وفي الغرب، وظهور بيان عدن ابين وغيرها، بحجة وجود مظالم هو الطريق صوب تقسيم وتفتيت البلاد الى كانتونات صغيرة وضعيفة، فالذين عجزوا في الحفاظ على اليمن موحدا ومتماسكا وامنا، وهم يحكمون بلدا من صعدة الى المهرة، وبيدهم كل الامكانات، فكيف سيستطيعون حماية الوحدة بتقسيم ما تبقى من البلد الى مجالس جهوية ومناطقية، في الوقت الذي اصبح البلد بكله بيد الخارج ؟
ان هذا العمل الغبي يخدم اولا جماعة الحوثي، لانه بدلا من ان تذهب المناطق المحررة بوفد تفاوضي موحد سوف تذهب باكثر من مجلس وفصيل واكثر من رؤية متناقضة، وهذا يضعف موقف الشرعية على طاولة المفاوضات ويصب في مصلحة الحوثين.
ثانيا، هذا العمل يخدم دول خارجية تريد سلخ حضرموت عن الجنوب،وهي قد هيئت كل الاسباب لذلك، ابرزها مجلس انتقالي فاشل ومقيد لا يستطيع فرض نفوذه على المحافظات الشرقية ومنها حضرموت، نشر قوات عسكرية في وادي حضرموت وساحله تتلقى الاموال والتسليح من الخارج، تحريض ابناء حضرموت بحجة وجود اقصاء وتهميش لهم باعلان مجلس شرقي، اعلن انسلاخه من الجنوب في بيانه الاخير، يمن ضعيف وممزق بيد نخب وقوى هي عبارة عن مرتزقة يتلقون اموال وامتيازات من دول خارجية، كل هذه الاسباب وغيرها، هي المقدمة لتحقيق مشروع الكانتونات الصغيرة المتناحرة، قبل ان يتم ضم حضرموت وربما المهرة لدول اقليمية مجاورة وبمطالبة من ابناء هذه المحافظات ممن تم اعدادهم لهذا الغرض، وتحت حاجة طلب الأمن بعد ان يتم التفكيك الكامل ودعم الصراع بين اليمنين في الجنوب على الاقل، وسوف يتركون ما تبقى من الجنوب في حالة صراع مستمر حتى لا يستقر، وبالتالي فان عدم استقرار الجنوب وعدم المحافظة على وحدته، يعني افشال مشروع الجنوب الموحد، ويعني ضرب ما تبقى من مشروع الوحدة اليمنية، لانه من غير المعقول ان تعيد الجنوب الى عهد السلطنات والمشيخات بتقسيمه الى مجالس جهوية بحجة الحفاظ على الوحدة اليمنية، هذه اكبر كذبة لا يمكن ان تنطلي على كل ذي عقل لبيب.
لذلك من الاسف ان نرى بعض النخب والاحزاب تتهافت على تشكيل مثل تلك لمجالس الجهوية، واصدار البيانات التمزيقية، وتعتبر ذلك انتصارا وفتحا عظيما، انها كارثة بكل المقاييس، ولكنها مدفوعة الأجر!
ان الذين يفشلون اليوم في ايجاد صيغة وارضية جامعة لدولة لكل اليمنيين، ومشروع جامع للكل، هم السبب الأول في تعريض البلد الى التفكك والتمزق، وهم من يحقق تطلعات ورغبات وطموحات قديمة لدول خارجية لتمزيق البلد وضم اجزاء منه اليها، وتحطيم مستقبل اليمنيين، ومنع استقرار البلد واقامة دولة وطنية فيه.
وفي ظل هذه الصراعات والتحديات التي تحيط باليمن من البحر، حيث الصراع على حركة التجارة العالمية في ممراته، وما يحدث في الداخل من حرب اقتصادية ومعيشية على المواطنين، وتاخر تحقيق السلام والتسوية العادلة، ومؤشرات التقسيم جنوبا وشمالا، وداخل كل شطر على حده، كل ذلك يؤشر ان البلد قادم على وضع صعب ومعقد جدا، وبحاجة لمعجزة كبيرة لتجاوز كل هذه المخاطر المحدقة والخطيرة