Four Divs
المقالات

تعز التي أعرفها

 

علي عشال

 

تعزُّ تعرفُ من أتاها ناصرًا،
لا يختبئْ خلفَ الرِّياحِ،
ولا يبيعُ نداءَها
في لحظةِ العُسرِ العظيمة.

تعزُّ تعرفُ وجهَ أبنائها الثوّار،
من صافحوا جرحَ الحقيقةِ،
واحتضنوا أنَّاتِها العذراءَ،
واستنهضوا كلَّ الحروفِ
ليكتبوا المجدَ القديمَ
على الجراحِ المتعبة،
ليهزموا قُبحَ الجريمة.

أما الذينَ تنكّروا في غفلةٍ،
وتلحّفوا برداءِ الغزوِ،
وافترشوا العروشَ
على أنَّاتِ أوجاعِ المدينة،
فهم هناك..
مكشوفةٌ أبصارُهم،
مفضوحةٌ أستارُهم،
تُلاحقهم دماءُ الطُّهرِ،
وصوتُ الأرضِ يفضحُهم
إذا أوهى النِّفاقُ وساوسَه.

يا من تلثَّم بالدماءِ
لِيهتك سترَ حالمةٍ عنيدة،
يا من تدثَّر بالجراحِ
للسيرِ في ركبِ الشهيدة،
ويُنمّقُ الكلماتِ،
ينسجُها على وزنِ القصيدة.

يا من سعيتَ لفتحِ أبوابِ الهوانِ على الحِمى،
وتكشّفتْ رقصاتُك الجَذلى
على بحرِ الدماء.

يا نغمةَ الزيفِ المنمَّق،
يا متبتّلًا في خرقةٍ حوتِ البلايا،
تجثو بها متستِّرًا
في جوفِ محرابِ الضحايا،
وتلفُّ مسبحةَ النفاقِ
لخنقِ أسرارِ الحقيقةِ في الخفايا،
تتلو على بوابةِ الأحزانِ
آياتِ الرثاء،
تغزلُ خيوطَ خيانتِكَ،
وتُقيمُ في بيتِ العزاء.

لكنَّ تعزَّ، وكما صبر ،
ستظلُّ شامخةً برغمِ الكيد،
ورغمِ الحقد،
وكلِّ أشكالِ العمالة.

لن تنحني،
وستغسل وجهَها من رجسِهم،
وتُكسِّر القيدَ
الذي صنعته أوكارُ الحثالة.

وستعبُرُ المحنةَ،
تجتازُ المضيق،
فلها من الأحرارِ أبناءٌ كُثر،
ولها صديق.

ولسوف يسقطُ في الرهان
كلُّ من خانَ،
أو ظنَّ أنَّ ضبابَ الزيفِ
قد حجبَ الطريق.

بصرُ المدينةِ كالحديد،
يشقُّ عن وكرِ النذالة،
وبصائرُ الأحرارِ
يفضحُ نورُها سُبلَ الضلالة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى